تونس في 23 أكتوبر 2018

لِنُنقِذْ ما تبقّى من تراثنا الأثريّ وَلْنُحاسِب المُعتدِينَ عليه

 

إن  المنظّمات غير الحكوميّة والجمعيّات المُمضية على هذا البيان تعبّر عن اغتياظها إثر هدم جزء من ”الحنايا” التي تعود إلى العصر الرّوماني وذلك في مستوى مدينة المحمديّة، بتاريخ 19 أكتوبر 2018. وقد حصل هذا التصرّف الإجرامي غداة اجتماع تمّ تنظيمه بمقرّ ولاية بن عروس وبحضور سلط عديدة من بينها ممثّلي الدّولة على المستوى الجهويّ ورئيس بلدية المحمديّة والمسؤولين المحلييّن لحزب النّهضة. وعلى إثرهذا  الاجتماع، أصدر الحزب المذكور بيانا تضمّن، إلى جانب قرارات أخرى، الالتزام “بتقديم مطلب ملحّ لوزارة التراث (هكذا؟) من أجل هدم الحنايا بعد أن أصبحت تمثّل خطرا حقيقيّا بالنّسبة لحياة المتساكنين”.

و يمثّل هذا القرار المذهل المتّخذ بحضور ممثلي الدولة والذي يدعوها إلى العمل ضدّ المصالح العليا للوطن سابقة في سجّلات التاريخ العريق للدولة التونسية. و هو يتجاهل أنّ البناءات الفوضوية  هي التي ضخمت مفعول الفياضانات المؤلمة التي شهدتها بعض أحياء المحمدية عل غرار مناطق عديدة أخرى من البلاد. و قد حضيت هذه الفوضى ذات التّبعات المدمّرة بتشجيع ناتج عن تراخيص البناء المسندة دون اعتبار لمجلة التراث وعن قلّة اليقظة لدى مصالح وزارة  الشؤون الثقافية. ومن نتائجها السّماح ببناءات انجر عنها انسداد القناوات التي كانت تمكّن من تصريف المياه تحت الحنايا، كما ورد في البيان المذكور أعلاه.

إن فاجعة  المحمدية تمثّل، من حيث الإعداد لها ومن حيث تبعاتها المتعدّدة الأشكال، حدثا متسارعا كشف عن الشدّة التي يعيشها التراث الأثري التونسي المتروك لسوء إدارة  المسؤولين و للمغتصبين وللظلامية. و هي تضع أمام أعين التونسيين أفعالا مرعبة و مماثلة لأفعال داعش التي أنزلت، في الماضي القريب، بالتراث الأثري، في أكثر من بلد عربي، أسوء الانتهاكات.

هل يجب تذكير المسؤولين عن التراث في بلادنا بأن إحياء الحنايا التي تمّ هدمها في المحمدية مثّل، بداية من سنة 2006، جزءا من مشروع وطني سمّي ”طريق الماء” التي تنطلق من معبد المياه بزغوان و تنتهي في صهاريج المعلقة بقرطاج و قد بقي المشروع غير مكتمل  منذ ذلك التاريخ ؟ و هل يجب تذكير المسؤولين ذاتهم أن المركّب المائي ”زغوان – قرطاج” سُجَّل في سنة 2012، بطلب من الدولة التونسية، في القائمة الدوليّة للتراث العالمي التي تشرف عليها منظمة اليونسكو و قد بقي الملفّ دون متابعة فنية لغاية تسجيله في ”قائمة التراث العالمي” ؟

إن المنظّمات غيرالحكوميّة و الجمعيّات الممضيّة على هذا البيان تسجل موقف وزارة الشؤون الثقافية التي  ندّدت بالاعتداء وتدعو الحكومة التونسيّة إلى تطبيق القانون بكلّ ما فيه من صرامة تجاه كلّ من يثبت تورّطهم، بأيّ شكل من الأشكال، في فاجعة المحمدية. و هم يدعونها أيضا إلى طمأنة الرأي العام التونسي والعالمي بإجراءات ملموسة في ما يتعلّق بالتزامها الحقيقي بالمحافظة على تراث البلاد  الثمين الذي كسب، منذ ما يقارب الأربعين سنة، الاعتراف بقيمته الإنسانية. وسيبقى المجتمع المدني يقظا للحصول على هذه الضمانات و لمتابعة تجسيمها و للتّثبت من أن الوزارة  المكلّفة بشؤون التّراث سوف تُوفِي  بوعدها المتمثّل في القيام بتتبّعات عدليّة  ضدّ المعتدين .

قائمة المنظمات الموقعة:

النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين

الجمعية التونسية تراث و بيئة

الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية

الجمعية التونسية للدفاع عن القيم الجامعية

الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات

الجمعية التونسية للوكالة الإيجابية

الجمعية التونسية لمساندة الأقليّات

جمعية الفنّانات المغاربيات

جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية

الجمعيّة التونسية للتاريخ و التربية على المواطنة

جمعية تنمية روح المواطنة

جمعية رأس الجبل للتراث و التاريخ

جمعية زنوبيا للفن و ا الإبداع   في خدمة التنميّة المستدامة

جمعية صيانة مدينة توزر

جمعية صيانة مدينة طبربة

جمعيّة منوبة للمعالم و الثقافة

جمعية مهديّة لذاكرة المتوسط

جمعية هيثم للثقافة و العلوم

جمعية يقظة من أجل الديمقراطية والدولة المدنية

الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان

اللجنة من اجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس

المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية

Write a comment:

*

Your email address will not be published.