إحياء اليوم العالمي لحرية الصحافة في تونس
تحت شعار:
وسائل الإعلام والحريات الأساسية
تونس ، 28-29 ماي 2021
نظمت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي والاتحاد الدولي للصحفيين والمكتب المغاربي لليونسكو ومكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان بتونس ومكتب مجلس أوروبا ومنظمة مراسلون بلا حدود ومكتب منظمة المادة 19ندوة تحت شعار: ” وسائل الإعلام والحريات الأساسية: دور وسائل الإعلام في تعزيز الحوار الشامل والسلمي والتعددي حول الحقوق والحريات الأساسية يومي 28 و29 ماي 2021 .
وقد اختارت النقابة مع شركائها طرح إشكالية “دور وسائل الإعلام في تعزيز الحوار الشامل والسلمي والتعددي حول الحقوق والحريات الأساسية”، بالنظر إلى التحديات المتعددة –قديمة وجديدة- التي تواجه حرية الصحافة وحرية التعبير والحق في النفاذ إلى المعلومة كما تواجه كذلك الحق في المساواة وعدم التمييز والحريات العامة والفردية.
ويمكننا أن نلخص المسائل التي تم تناولها المتدخلون والحضور في محاور أربعة مترابطة وهي:
مسألة احترام حرية التعبير والنفاذ إلى المعلومة في سياقات مضطربة أهم أمثلتها جائحة كورونا والاحتجاجات الاجتماعية،
مسألة حماية وتعزيز الحريات الأساسية على قاعدة مبدإ المساواة وعدم التمييز وذلك في سياق الجمع بين ضمان حرية التعبير والتصدي لخطابات التحريض والكراهية،
مسألة تعديل وسائل الإعلام التقليدية تعزيزا للحقوق والحريات الأساسية وحمايتها وذلك خاصة من خلال الهايكا ومجلس الصحافة،
ومسألة “تعديل” الفضاء الرقمي بغاية الجمع بين تعزيز حرية التعبير والتصدي للأخبار الزائفة، وحماية الحقوق والحريات الأساسية داخل هذا الفضاء،
وسنحاول فيما يلي تلخيص أهم التوصيات التي تمخضت عنها أشغال الندوة على مستوى كل من هذه المحاور إثر تلخيص أهم مقومات التشخيص الذي تم استخلاصه.
مسألة احترام حرية التعبير والنفاذ إلى المعلومة ومختلف الحقوق والحريات في سياقات مضطربة أهم أمثلتها جائحة كورونا والاحتجاجات الاجتماعية:
بالنسبة لسياق الاحتجاجات الاجتماعية، تمثلت أهم عناصر التشخيص في النقاط التالية:
تعدد الانتهاكات التي تعرض إليها الناشطون والمحتجون وخطورتها: من هرسلة وإيقافات وتتبعات لا تحترم الإجراءات والضمانات القانونية،
تنامي الإحساس بأن النقابات الأمنية تتحكم في القضاء وتصل إلى حد هرسلته للحصول على المسارات الإجرائية التي ترغب فيها في انتهاك لحقوق الناشطين،
حضور الإحساس بأن القضاء وخاصة النيابة العمومية لا يلعب دوره في حماية الحقوق والحريات ولا يحاول توفير الضمانات الإجرائية اللازمة
تنامي الشعور لدى بعض الناشطين بالطابع الصوري لتكريس الحقوق والحريات بالنظر إلى التهديدات الجدية لسلامتهم الجسدية
منع أو امتناع الصحفيين من نقل الحقيقة، وحضور الإحساس بتقصير وسائل الاعلام في القيام بتغطية أمينة ومتوازنة.
أما التوصيات، فتمثلت خاصة في:
ضرورة تنقية المنظومة القانونية من الفصول الماسة من حرية التعبير خاصة النصوص الجزائية ومنها تلك المضمنة بمجلة الاتصالات (الفصل 86) والتي يتم على أساسها محاكمة المحتجين والناشطين والمدونين على ممارستهم لحقهم في حرية التعبير،
ضرورة تعزيز ثقافة احترام حقوق الإنسان وفهم الضوابط القانونية لحرية التعبير لدى المدونين وصانعي المحتوى والناشطين في مجال حقوق الإنسان لتجنب التتبعات القانونية،
مكافحة ثقافة الإفلات من العقاب في خصوص الانتهاكات الأمنية سواء ضد المواطنين أو الصحفيين وتعزيز ثقافة الشكوى، ودعوة المجتمع المدني للمتابعة،
ضرورة انخراط القضاة في مجهود حماية الحقوق والحريات والوقاية من الانتهاكات،
تعزيز تكوين الصحفيين في مجال نقل الأخبار والمعلومات في سياق الانتهاكات البوليسية بشكل وفي ودون تضليل، وتعزيز حماية استقلالية الصحفي إزاء ضغط المؤسسات الإعلامية.
بالنسبة لسياق جائحة كورونا، تمثلت أهم عناصر التشخيص في النقاط التالية:
مست الجائحة وجود وتنوع وسائل الإعلام كما مست مواطن شغل الصحفيين وظروف عملهم وحقوقهم المالية،
كما مست كذلك من السلامة الصحية للصحفيين مع غياب التغطية الاجتماعية وتجاهل أرباب العمل للمخاطر التي يتعرض لها الصحفيون مع بعض التفاوت بين المؤسسات الخاصة والمؤسسات العمومية حيث بدت الحماية أفضل من خلال صياغة بروتوكولات صحية،
فضلا عن مشكل التنقل، فإن الحكومة ووزارة الصحة أغلقتا الباب أمام المعلومة عبر المناشير، وتم تسجيل العديد من الاعتداءات على الصحفيين من أهمها منع العمل،
بالرغم من الدور الإيجابي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، وسعي الصحفيين لتأمين حق المواطن في المعلومة بوسائلهم الخاصة، مست مختلف هذه العناصر من حق المواطن في النفاذ إلى المعلومة بصفة عامة وخاصة المعلومة الصحية،
فضلا عن ذلك كشفت الجائحة عدم التقدم في أي من الملفات المتعلقة بتعزيز دور الإعلام كقطاع حيوي وعن غياب سياسات عمومية لدعمه،
كما كشفت الوضع الاقتصادي الهش لعديد المؤسسات الإعلامية وهامشية الصحافة المكتوبة في تقدير السلط التي أدت تدابيرها إلى تعطيل طبع وتداول الصحف الورقية،
ولم تف السلط العمومية بوعودها في دعم المؤسسات الإعلامية وتميزت إجراءات التعويض بالتعقيد.
أما التوصيات، فتمثلت خاصة في:
العمل على طرح مسألة التغطية الصحية والاجتماعية للصحفيين وإيجاد حلول في شأنها،
دعوة السلط العمومية إلى وضع استثناءات للتضييقات على الجولان لفائدة الصحفيين لتمكينهم من أداء عملهم،
وبصفة عامة: ضرورة الالتزام بمبادئ الضرورة والتناسب من ذلك الصبغة الوقتية عند إقرار التضييق على الحريات في إطار مجابهة الجائحة،
دعوة السلط العمومية إلى رفع كل الحواجز إزاء الوصول إلى المعلومة، من ذلك سحب المناشير الداخلية الصادرة عن وزارة الصحة والحكومة التي تضع عوائق غير مشروعة في وجه المعلومات الصحية،
التفكير في إعداد بروتوكولات تمثل إطارا للتعامل بين السلط العمومية ووسائل الإعلام على المستوى المهني والمالي وذلك لتأطير كل وضعيات الجوائح والكوارث التي يمكن أن تؤثر على العمل الصحفي،
ضرورة تحقيق الانتقال الرقمي للصحافة المكتوبة وخلق المنصات الضرورية لذلك وتفعيل الاتفاقيات المتعلقة بالانتقال الرقمي المبرمة مع الحكومة،
ضرورة التفاوض مع الحكومة لدعم ظهور صحافة 360 درجة،
السعي للحصول على التعويضات الموعود بها من قبل الحكومة لفائدة المؤسسات الإعلامية،
ضرورة إيلاء اهتمام خاص بالمؤسسات الجمعياتية للإعلام.
مسألة حماية وتعزيز الحريات الأساسية على قاعدة مبدإ المساواة وعدم التمييز وذلك في سياق الجمع بين ضمان حرية التعبير والتصدي لخطابات التحريض والكراهية
تمثلت أهم عناصر التشخيص في النقاط التالية:
تأخر ملاءمة النصوص القانونية مع المرجعية الدستورية الجديدة والالتزامات الدولية للبلاد،
تمسك عديد القضاة بتطبيق نصوص عامة تم تجاوزها من خلال نصوص خاصة حديثة،
خطابات الكراهية والخطابات التمييزية هي خطابات عنيفة انتشرت في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وذلك انعكاس لما تقوم عليه التنشئة الاجتماعية من مفاضلة قيمية وغياب ثقافة قبول الاختلاف،
ملاحظة أن أغلب البرامج المقدمة في وسائل الإعلام تنشر ثقافة التطبيع مع العنف ومع الصور النمطية للمرأة لأن هذا ما يجلب أكبر نسبة للمشاهدة، وتتعرض النساء والأقليات إلى التهميش والتشهير،
قدم بعض الحضور من المتدخلين تحديدا للمهارات النفسية الضرورية لبناء القدرة على التواصل غير العنيف (التعاطف، تطور المرجعية القيمية)،
حضور بعض المبادرات للجهات الحكومية وللمجتمع المدني تتعلق بإنتاج الخطاب البديل.
أما التوصيات، فتمثلت خاصة في:
بالنسبة للصحفيين:
ضرورة أن يتصدى الإعلام للخطاب العنيف ويعزز الخطاب المناصر للمساواة وللحقوق الأساسية،
ويمكن في هذا الإطار أن تكون الوظيفة الصحفية أداة فعالة لمحاربة الخطاب العنيف من خلال توجيه الدعوة للأطراف السياسية المستخدمة لخطاب العنف والكراهية لمناقشة مختلف أطروحاتهم في كنف الاحترام.
الصياغة التشاركية لمدونات سلوك ومواثيق تحرير والبحث في الصيغ الإلزامية لتفعيلها،
تكثيف الدورات التكوينية في مجال دور الصحافة في التصدي لخطاب العنف والكراهية،
التأكيد على دور معهد الصحافة ومراكز التكوين والتدريس حتى تكون كل المواد المدرسة متبنيه لقيم حقوق الإنسان بإدماج المقاربة الحقوقية بها فضلا عن تعزيز مكانة مادة أخلاقيات المهنة،
التأكيد على أن الصحفي التونسي يجب أن يمثل الاستثناء وذلك برصد خطاب العنف والكراهية وعدم استخدامه أو نقله وعدم نشر الصور العنيفة والانتباه إلى التعابير والأنماط الفكرية الخطيرة والمغذية لثقافة التمييز والعنف،
فضلا عن ذلك، ينبغي للصحفي بصورة دائمة تجنب فخ التعميم داخل خطابه (الشعب التونسي، المرأة التونسية…) والتأكيد على الاختلاف،
تعزيز صحافة الاختصاص التي يمكن أن تكون من الحلول نحو تجنب خطابات الكراهية، لأن الصحفي المختص يمتلك المصطلحات والمفاهيم ويشتغل وفق بحث معمق على المواضيع بما يمنع الارتجال والأخطاء في التناول،
بالنسبة المجتمع المدني:
مواصلة لعب دوره من خلال الضغط والتقارير ومقترحات المشاريع،
دعم المبادرات الهادفة لتوضيح الممارسات الفضلى للتصدي لخطاب الكراهية من قبيل مبادرة منظمة المادة 19 مع الهايكا والترويج لها،
محاولة دعم المساواة ومكافحة خطابات التحريض والكراهية من خلال حث الشركات في مجال الأنترنت على اعتماد برمجيات ذكاء اصطناعي في هذا الاتجاه،
خلق منصات حوار للتواصل حول الطرق الممكنة للمعالجة الإعلامية للمسائل المتعلقة بالجندر والعنف ضد المرأة، مع التدرج نحو تكوين مرجعية مشتركة في هذا الموضوع
استغلال الفضاءات الرسمية المتاحة، من قبيل اللجنة المحدثة في مجال نبذ التمييز العنصري، لدفع السياسات العمومية في هذا المجال،
بالنسبة للعمل التربوي والتثقيفي داخل المجتمع:
يمكن بالنسبة للمختصين النفسيين القيام بالتشبيك ووضع برامج تدخل في إطار مهامهم في المؤسسات التربوية وذلك بهدف تعليم الناشئة طريقة التعامل مع الأنترنت ومخاطرها ولتفكيك المسارات الفردية التي تؤدي إلى استعمال خطاب العنف والكراهية،
ويمكن بصفة عامة التواصل مع وزارة التربية لإدراج التربية على التعاطف ومرافقة مسارات إدماج المرجعية الحقوقية ضمن المرجعية الأخلاقية للأفراد،
الترويج لمبادرات المجتمع المدني والمبادرات الحكومية لإنتاج ونشر الخطاب البديل لتكريس المساواة ونبذ التمييز
على مستوى ملاءمة الإطار التشريعي للمبادئ والحقوق المكرسة دستوريا:
تم التأكيد على ضرورة الترويج لعلوية الدستور والالتزامات الدولية لتونس ضمن الخطاب الصحفي وتنزيل المناشير منزلتها الحقيقية التي لا يمكن أن تسمح لها بخرق الدستور والمعاهدات،
ضرورة العمل على دعم تطبيق التوصيات التي انتهى إليها مسار العدالة الانتقالية،
ضرورة الضغط في اتجاه اعتماد مجلة الحريات الفردية
ضرورة الضغط في اتجاه تنقيح المجلة الجزائية ومجلة الإجراءات الجزائية،
حث القضاة على لعب دورهم في تنزيل المبادئ والقواعد المتعلقة بمناهضة التمييز أيا كان مصدره، وتطوير ثقافتهم القانونية لتجاوز تجاهلهم للنصوص القانونية الجديدة،
دعم عمل اللجنة الوطنية لملاءمة النصوص القانونية ذات العلاقة بحقوق لإنسان مع أحكام الدستور ومع الاتفاقيات الدولية المصادق عليها.
مسألة تعديل وسائل الإعلام التقليدية تعزيزا للحقوق والحريات الأساسية وحمايتها وذلك خاصة من خلال الهايكا ومجلس الصحافة
تمثلت أهم عناصر التشخيص في النقاط التالية:
الممارسات السياسية تثير عديد المخاوف حول ديمومة منظومة التعديل وضمان حرية التعبير من ذلك سعي الحكومة وعديد الأطراف السياسية إلى محاصرة الهيآت الدستورية ومحاولة تدجينها، ومحاولة السيطرة على وسائل الإعلام، ومن ذلك سعي البرلمان لإصدار قوانين تضرب حرية الإعلام والتعددية الإعلامية والمنظومة التعديلية (من ذلك سحب مشروع القانون الحكومي المتعلق بتنظيم قطاع الاتصال السمعي البصري وإعطاء الأولوية لمقترح كتلة الحرامة)، وتدفع مختلف هذه التطورات إلى الإحساس بغياب إرادة حقيقية في ضمان حرية الإعلام خاصة في ظل مشهد يغلب عليه تداخل السياسي والمالي والإعلامي،
غلبة الإحساس بأن من استفاد من حرية التعبير هي الشعبوية والفساد والتطرف لا الحوار المجتمعي الشامل والتعددي والسلمي مما أدى إلى الكراهية والعنف ولانقسام الاجتماعي،
التأكيد على أن أول ضحية للاستقطاب الموجود على المستوى السياسي والمجتمعي هي الصحافة، حيث تتراجع مقبولية المواطنين لسماع الحقائق والآراء الموضوعية ولا يقبلون سوى السرديات المتماشية مع توجهاتهم السياسية، ويمكن للصحافة تبعا لذلك أن تقع في خطر الدخول ضمن مفردات الاستقطاب السياسي والايديولوجي،
ضعف قدرة الإعلام التونسي بوضعه الراهن على إدارة حوار سلمي وتعددي في ظل حروب “استنزاف” نتيجة إطار تشريعي هش ومبادرات تشريعية خطيرة وهيآت تواجه هجومات قاتلة، ومعارك تهم المؤسسات المصادرة والتعيينات على رأس المؤسسات العمومية فضلا عن معارك الاصطفاف، وهي معارك تتمعش من هشاشة وضعية الصحفي والمؤسسات الإعلامية، إضافة إلى تسرب رأس المال إلى مؤسسات الإعلام، والاعتداءات المتكررة على الصحفيين،
وجود عداوة للصحفيين نتيجة التشوية والتهجم وغياب الوعي بدور الصحفي وانهيار صورته الاجتماعية،
سوء فهم الصحفيين أنفسهم لدور الهياكل التعديلية وضعف مقبوليتها لدى البعض منهم.
أما التوصيات، فتمثلت خاصة في:
دعوة الصحفيين والمؤسسات الإعلامية إلى تطوير المشهد الإعلامي بالابتعاد عن البحث عن الإثارة والسعي لبناء صحافة مهنية تخدم المجتمع وتدافع عن مصالح البلاد والمواطنين والحريات الأساسية في ظل احترام أخلاقيات المهنة لاستعادة الثقة بين المواطن والإعلام،
مواصلة دعم المشروع الحكومي المتعلق بتعديل الإعلام السمعي البصري وبإحداث الهيئة الدستورية التعديلية،
مجابهة التحديات اللوجستية المتعلقة بمجلس الصحافة خاصة تلك المتعلقة بتمويله في ظل رفض الدول المساهمة في هذا التمويل،
الدفع نحو الاعتراف الرسمي والقانوني بمجلس الصحافة وبدوره التعديلي،
تجاوز تحدي مقبولية المجلس من قبل الجسم الصحفي وتعزيز قبول الصحفيين للخضوع لمبدإ المساءلة وللمثول أمام لجنة الشكاوى،
تعزيز ثقافة الشكاية والترويج لها من خلال التعريف بآليات الشكايات أمام الهياكل التعديلية لدى المجتمع المدني
ضرورة التنسيق بين الهياكل التعديلية في تطبيقها للمرسوم عدد 115 والمرسوم 116، وبناء مرجعية موحدة لتعديل قطاع الصحافة والإعلام،
السعي نحو تركيز هياكل التعديل الذاتي داخل المؤسسات الإعلامية.
مسألة “تعديل” الفضاء الرقمي بغاية الجمع بين تعزيز حرية التعبير والتصدي للأخبار الزائفة، وحماية الحقوق والحريات الأساسية داخل هذا الفضاء
تمثلت أهم عناصر التشخيص في النقاط التالية:
ضرورة استبطان الصحفي لتطور مقاربة المنظمات والهياكل الدولية للمعلومة التي أصبحت تعتبر بمثابة “الملك العام” الذي ينبغي أن يكون في خدمة الجميع،
تفاقم التهديدات التي تترصد حرية الإعلام في الفترة الأخيرة بسب التطور التكنولوجي وما نتج عنه من تنامي المحتوى الذي يصعب التحقق من صحته، فضلا عن تفاقم منسوب خطابات الكراهية بما في ذلك الخطاب الذي يستهدف النظام الديمقراطي نفسه. ويتمثل السبب الثاني في تعاظم تهديد حرية الإعلام في جائحة الكوفيد-19 وما تبعها من حجر صحي أدى إلى انعزال المواطنين واعتمادهم على وسائل التواصل الإلكتروني للحصول على المعلومة مما أدى إلى انتشار الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة،
الاتفاق على خطورة وأهمية الفضاء الرقمي خاصة أنه يشهد حضور محتوى ينجه غير المهنيين،
الانتشار الكبير للأخبار الزائفة التي تخدم العديد من الأطراف إذ تمثل وسيلة لتضليل الرأي العام بالنسبة للسياسيين، وسيلة للربح بالنسبة للشركات، ووسيلة لرفع المتابعة لدى وسائل الإعلام، وهي ظاهرة يمكن أن تمس من السلم الاجتماعي،
ملاحظة أن إنتاج ونقل الأخبار الزائفة ليس حكرا على منتجي المحتوى من غير المهنيين ووجود بعض الانحرافات حتى من قبل وسائل الإعلام وذلك بالمساهمة في نشر الأخبار الزائفة،
غياب تأطير قانوني خاص بالصحافة الالكترونية وبالمحتوى المتداول على شبكات التواصل الاجتماعي،
ملاحظة عدم استقرار مبادرات المجتمع المدني المتعلقة بإرساء آليات للتحقق من الأخبار الزائفة.
أما التوصيات، فتمثلت خاصة في:
ضرورة الدفع نحو تشريعات ومنظومات تعديل تسمح بأن يضمن الفضاء الرقمي حرية التعبير والمشاركة في النقاش العام بشفافية ومسؤولية،
ضرورة التصدي للتهديدات التي سبق عرضها نظرا لما تطرحه من مخاطر التأثير على الرأي العام وذلك من خلال الدفع نحو بناء وتنفيذ استراتيجية عمل للتصدي للأخبار الزائفة تقوم على ثلاثية: التثقيف والتعديل و(أخيرا) التشريع والردع.
1) التثقيف: العمل على إدراج محتوى تربوي يهم المواطنة الرقمية داخل البرامج التعليمية أو على الأقل ضمن النوادي المدرسية، مع الحرص على إدماج هذا المحتوى ضمن التكوين المستمر للأسرة التربوية،
تكوين الصحفيين ودعمهم للتطوير صحافة الجودة من خلال إنتاج محتوى إعلامي يحظى بالموثوقية وذلك بهدف إصلاح وترميم الهوية الصحفية التي تقوم على البحث عن الحقيقة وإبلاغها للرأي العام وبهدف تعزيز علاقة الثقة بين المواطن ووسائل الإعلام، ويدعم ذلك أهمية ومركزية دور وسائل الإعلام في التصدي للأخبار والمعلومات الزائفة
2) التعديل: تعزيز مبادرات المجتمع المدني بإنشاء منصات التصدي للأخبار الزائفة على غرار منصة “تونس تتحرى” والترويج لها، وكذلك المبادرات العمومية من قبيل مبادرة الهايكا بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي،
ويمكن كذلك في إطار التعديل الذاتي إحداث جائزة للموثوقية لمجازاة وسائل الإعلام الإلكترونية التي تتجنب نقل الأخبار الزائفة والمضللة
3) التشريع:
ضرورة مواصلة وتحفيز مسار استبدال المرسوم عدد 115 وذلك لوضع إطار قانوني يستجيب للمستجدات الواقعية من قبيل الصحافة الالكترونية وجرائم الفضاء الرقمي،
ضرورة احترام معايير تقييد الحقوق: الشرعية، الضرورة والتناسب عند التصدي للتضليل الإعلامي، ويؤكد القانون الدولي لحقوق الإنسان على أن التصدي القانوني للتضليل الإعلامي لا ينبغي أن يكون زجريا، بل يقتصر الزجر على الحالات القصوى،
حث الشركات على اعتماد تدابير وخوارزميات لحظر المحتوى الذي يتضمن اخبارا زائفة أو تضليلا إعلاميا أو تحريضا على العنف، مع الحرص على أن تكون واضحة وشفافة لحماية حرية التعبير،
التأكيد على اختصاص القضاء في اتخاذ التدابير التقييدية وعدم ترك الاختصاص للشركات الخاصة، وحث القضاء على حسن الموازنة بين الحق المنتهك والحق في حرية التعبير واستبعاد نصوص الحق العام وتطبيق النصوص الخاصة بالصحافة وحرية التعبير