تونس في 27 سبتمبر 2021
إن المنظمات والجمعيات الوطنية الممضية أسفله ولئن اعتبرت قرارات 25 جويلية 2021 خطوة هامة في اتجاه إنهاء منظومة فاسدة حالت فعليا دون إقامة دولة قانون ومؤسسات قوية وعادلة، من خلال إقالة حكومة تلاعبت بمصالح الشعب لخدمة لوبيات مالية وسياسية وتعليق عمل برلمان كان مجرّد واجهة لتشريع السرقة والنهب وإهدار المال العام فضلا على تبييضه للعنف والإفلات من العقاب، فإنها لم تعطِ صكّا على بياض للإجراءات الجديدة وانتقدت بحدّة، ومنذ الأيام الأولى، كل التجاوزات في حق منظومة الحقوق والحريات، رافضة في الآن ذاته استغلال صعوبة المرحلة الانتقالية للتدخّل في الشأن الوطني من قبل قوى إقليمية ودولية في أفق تسيير الشأن العام وفق مقاربة سياسات المحاور.
وإذ تؤكد على أن ما حتّمه الوضع الخطير للدولة التونسية على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، من ضرورة القيام بإصلاحات حقيقية لإنقاذ الدولة والمسار الديمقراطي من الانهيار، لا يمكن أن يتم إلا باعتماد الآليات الديمقراطية الضامنة للحقوق والحريات وفي إطار استقلال القضاء وحرية التعبير وبتفعيل مبادئ التشاركية والشفافية والرقابة.
كما تعتبر أن الأمر عدد 117 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 الذي تضمن جملة من الأحكام تندرج في إطار التنظيم المؤقّت للسلط، يفتقد في صيغته الحالية للضمانات الحقيقية والمؤشّرات الواضحة على اندراج الفترة الحالية في مسار إرساء الجمهورية الديمقراطية المواطنية العادلة ولا يمكن ان يسدّ في شكله ومضامينه الباب أمام كل محاولات العودة لمنظومات الحكم الفاسدة ، كما أنه قد ورد دون تسقيف زمني بشكل يحيلنا على خطر المؤقت الدائم، وتمّ دون أي تشاور ضروري ومستوجب خاصة بعد تعهّد رئيس الجمهورية بذلك خلال لقائه منظمات المجتمع المدني يومي 26 و27 جويلية 2021، وفي رؤية فردانية تؤشّر للحكم الكلياني إذ لا يمكن للنوايا الحسنة أن تقلّل من المؤشرات الخطيرة على مستقبل الفعل التراكمي للتجربة التونسية.
إن المنظمات والجمعيات الممضية على هذا البيان:
– تؤكد رفضها لأي محاولة احتكار لتصوّرات مرحلة ما بعد 25 جويلية 2021 ولتجميع السلط دون آليات رقابية ودون تحديد آجال مضبوطة لاستعادة المسار العادي للديمقراطية. وتطالب بضرورة توضيح ما ورد مبهما في التنظيم المؤقت للسلط حول الحريات العامة والفردية والهيئات المستقلة والدستورية حتى لا نكون أمام تعليق تام للدستور وما ورد فيه من مكاسب عكست نضالات عقود وتراكمات أجيال، وتدعو إلى تفعيل ضمانات التشاركية والشفافية والرقابة كآليات ضرورية لمراقبة كل عملية بناء أو إصلاح للمسار الديمقراطي.
– تشدّد على تمسّكها باستقلال السلطة القضائية و بضمانات تلك الاستقلالية وفق ما جاء بالباب الخامس من دستور 2014 باعتباره مكتسبا وطنيا لا رجوع فيه، وتحذّر من إمكانية المساس به مستقبلا تحت أي مسمّى باعتباره الضمانة الحقيقية للإبقاء على الخيار الديمقراطي الحامي الفعلي للحقوق والحرّيات، والنأي به على أي وجه من أوجه التدخّل، وتطالب القضاء بالقيام بدوره الحقيقي والمستوجب في مكافحة الإرهاب والفساد والتصدّي لكافة الجرائم التي تهدّد استمرارية الدولة وتفكيك شبكات مرتكبيها وتكريس مبدأ عدم الإفلات من العقاب.
– تؤكّد على ضرورة احترام استقلالية المؤسسات الإعلامية وحماية حرية الصحافة والنشر والتعبير والتنظّم والاجتماع والتعددية وحق المعارضة وترفض أي انتهاك يطال هذه الحقوق والحريات.
– تنادي بضرورة القطع مع عقلية خلط الأوراق ووضع كل القوى المدنية والسياسية في سلة المنظومة السابقة لتبرير الانفراد بالرأي في تسيير الشأن العام.
– تنبّه إلى أن أولوية المسار السياسي لا يمنع من التأكيد على خطورة الوضع الاقتصادي والاجتماعي وانعكاساته على الفئات الأكثر هشاشة وإمكانية توظيفه في المرحلة الحالية، وتحثّ على الالتزام بكل الاستحقاقات الاجتماعية وتعهّدات الدولة إزاء مواطناتها ومواطنيها.
– تدعو إلى الإسراع بتشكيل حكومة متناصفة تسارع ببناء سياسات عمومية عادلة وناجعة في كل المجالات وفق مقاربة تشاركية تخدم مصالح الشعب التونسي التي لخّصتها مطالب ثورته في الشغل والحرية والكرامة الوطنية، تعلن في برنامجها الأولي بدقة خطّة عملها في تفكيك منظومة التفقير والتهميش والتمييز والإرهاب والعنف ضد النساء والإقتصاد الريعي ومكافحة الإفلات من العقاب وحماية السيادة الوطنية.
كما تعلم المنظمات الموقعة على هذا البيان أنها ستعقد ندوة صحفية صبيحة يوم الخميس 30 سبتمبر 2021 بداية من الساعة العاشرة صباحا بمقر النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، وذلك، لإعلام الرأي العام بتقييماتها لمرحلة ما بعد 25 جويلية ومطالباتها وخطّة عملها للمرحلة القادمة.
التوقيعات:
النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين
الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات
جمعية القضاة التونسيين
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان
جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية
المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية