تونس- 14 جانفي 2020
يحيي الصحافيون في تونس الذكرى العاشرة لثورة الحرية والكرامة، بكثير من الإعتزاز بنضالات الأجيال التي سبقتهم ودافعت عن الكلمة الحرة وبإجلال لدم شهداء الثورة وجرحاها الذي استرد الحرية وأعاد للكلمة معناها. ويستذكر الصحافيون في هذه المناسبة أول شهداء حرية التعبير زهير اليحياوي وفقيدتها النقيبة المناضلة نجيبة الحمروني.
إلى روح نجيبة الحمروني وزهير اليحياوي وشهداء الثورة سلاما واعترافا بالجميل وعهدا بعدم التفريط في أم المكتسبات والحريات حرية التعبير.
وفي الذكرى العاشرة للثورة ولرحيل آلة القمع والإستبداد وتكميم الأفواه، يحيي الصحافيون صمود التونسيين أمام الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتشبثهم بحرية التعبير التي كانت دوما وستظل البوابة الأولى للنضال من أجل بقية الحقوق الأساسية والحريات الفردية والعامة. ويحز في نفس الصحافيين التونسيين وكل نفس حر في البلاد، أن تمر الذكرى العاشرة للثورة، دون أن تنشر القائمة الرسمية لأولي الفضل في هذه الحرية، شهداء الثورة وجرحاها، وتزامنا مع إضراب جرحى الثورة وعائلات شهداءها بحثا عن إعتراف رسمي بما قدموه.
إن طيفا واسعا من الصحافيين في تونس، كغيرهم من سائر المواطنين، في نضال يومي ومستمر من أجل الحفاظ على هذا المكسب اليتيم الذي تحقق إثر ثورة الحرية والكرامة، أمام عودة آلة القمع بوجوه متعددة، وأمام تصاعد محاولات الردة والتدجين واستخدام الإعلام كماكينة للدعاية وللتوظيف السياسي. وإن قطع الصحافيون ومناصرو الحرية من منظمات وطنية ونقابات ومدونين شوطا هاما في مسار فرض احترام حرية التعبير وعدم تطويع الاعلام لفائدة اللوبيات السياسية والمالية وأخطبوط الفساد مترامي الاذرع في جل القطاعات، فإن المسار لا يزال متواصلا ويتطلب نفسا طويلا وإصرارا لاستكماله.
إن آلة القمع النوفمبرية، التي حاولت بشتى الطرق من أبسطها إلى أعقدها، إحباط هذا الهيكل النقابي المستقل والمناضل من أجل حرية التعبير، وإن أفلت ظاهريا، فقد تلونت على امتداد السنوات العشر، وغيرت شكل محاولاتها لبسط يدها على الإعلام وشراء الذمم وتركيع الأقلام الحرة لخدمة أجندتها. ويعود الفضل لتماسك الصحافيين ووعيهم ووحدتهم لإحباط كل محاولات الاختراق وكسر معاول الهدم التي سعت على امتداد عشرية لتقويض هيكلهم وتدجينهم.
وعلى امتداد العشرية الماضية، واجه الصحافيون هجمات شرسة ومتواترة تراوحت بين العنف اللفظي والمعنوي والعنف المادي والضغط والطرد، إزاء محاولاتهم للإنعتاق، تقودها رغبة محمومة لإستعمالهم كبوق دعاية من أطراف متعددة سياسية ومالية. والتقت هذه الهجمات فيما بينها على هدف وحيد تخريب الوطن وإلجام كل نفس مختلف. وعوقب الصحفيون في مختلف المؤسسات الإعلامية على تمسكهم بمبادئ مهنتهم وأخلاقياتها، بالتجويع والتهميش والإقصاء ليكونوا من بين أكثر الفئات المستهدفة عمدا في قوتها والملاحقة قضائيا وأمنيا والمتعرضة للإنتهاكات والتضييق.
ولا يمكن أن تمر الذكرى، دون أن تعبر النقابة الوطنية للصحفيين، عن أسفها لعدم تركيز محكمة دستورية، يحتكم إليها المتخاصمون في حال خرق الدستور ، وترعى الفصل الحادي والثلاثين من الدستور الضامن لحرية التعبير والصحافة والنشر والمانع لأي رقابة مسبقة على ممارستها. كما تعبر النقابة عن أسفها للمسار المبتور والأعرج الذي اتخذته السلطة التشريعية على امتداد هذه العشرية في تركيز بقية الهيئات الدستورية.
وتذكر النقابة، السلطة السياسية بكامل تفرعاتها، بأن العشرية الماضية بكامل محطاتها الصعبة، لم تفض إلى غاية اليوم، إلى سن القوانين الضرورية لتنظيم القطاع وضمان كرامة العاملين فيه، بل كثيرا ما اتجهت الإرادة السياسية إلى فرض قوانين زجرية من جهة، أو تمرير مشاريع قوانين تفقد القطاع حريته وتهديه للسماسرة ومقاولي الإعلام والسياسة والفساد من جهة أخرى.
ويحمل الصحافيون، البرلمان والحكومة ورئاسة الجمهورية مسؤولياتهم في التلكؤ في تمرير مشروع قانون الهيئة الدستورية التعديلية للقطاع السمعي البصري، ومشروع جديد لمجلة الصحافة يصاغ وفق رؤية تشاركية مع أبناء القطاع وهياكلهم لا وفق رؤى ضيقة ترسمها المصالح والمحاصصات.
الصورة المرافقة للزميل المصور الصحفي ياسين القايدي
النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين
لجنة الحريات الصحفية