إعلان تونس
إن المؤتمر العام الثالث عشر للاتحاد العام للصحافيين العرب المنعقد بالعاصمة التونسية يومي 21 و 22 ماي من سنة 2016 باستضافة كريمة من النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين و بحضور جميع التنظيمات المهنية العربية الأعضاء في الاتحاد ،بعد دراسته المستفيضة لمجمل الأوضاع المهنية و السياسية في الوطن العربي و المعطيات الدولية المحيطة بها ، و في ضوء المداولات المسؤولة و الشفافة التي ميزت أشغاله فإنه يعلن ما يلي:
إن المؤتمر العام الثالث عشر للاتحاد يسجل بكثير من القلق التردي الشامل الذي يطبع الأوضاع السياسية في البلاد العربية بسبب سيادة مظاهر التراجعات الخطيرة التي شملت جميع المستويات ، و أن المسارات السياسية في هذه الأقطار تعيش انحصارا خطيرا . و يرى أن المؤشرات الإيجابية التي حفل بها ما كان يسمى بالربيع العربي و التي بثث بذور الآمال العريضة في نفوس الشعوب العربية و شرعت أبواب التطلعات في القطع النهائي مع الأسباب السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي أنتجت مظاهر التحكم و الاستبداد و خنق المشروع الديمقراطي ، ما فتئت أن انطفأت شعلاتها و تحولت بصفة مفاجئة إلى سلسلة من الانتكاسات بسبب عوامل داخلية و خارجية مؤثرة و التي مكنت من اختطاف التغيير .
إن الصحافيين و الصحافيات العرب الملتئمين في مؤتمر اتحادهم الثالث عشر يؤكدون أن الصحافيين و وسائل الإعلام و من خلالهم حرية الصحافة و الحريات العامة في الوطن العربي يوجدون في قلب هذه الانتكاسات ، و دفعوا ثمنا غاليا في مواجهة الاستهداف وصل حد القتل و الاختطاف و الاعتقال و التضييق و الاعتداء و استخدام القضاء في كثير من هذه الحالات في محاولة لإضفاء الشرعية القانونية على هذه الانتهاكات الخطيرة للحقوق و دوس القوانين ، بينما لم تكن هناك حاجة في حالات أخرى حتى إلى هذا الاستخدام . و تدل جميع المؤشرات السائدة لحد الآن على أن وقف هذه الانتهاكات في المستقبل المنظور ليس واضحا . و المؤتمر العام الثالث عشر للاتحاد إذ يعلن تضامنه المطلق و اللامشروط مع جميع الصحافيين و الصحافيات العرب في هذه المحنة و يؤكد استعداده الدائم لبذل ما يكفي من الجهود لوضع حد لهذه الانتهاكات ، فإنه يعلن تنديده الصريح و الشديد بها و بجميع الجهات المتسببة فيها ، و يطالب من المنظمات الصحافية و الحقوقية الإقليمية و الدولية مساندة الاتحاد العام للصحافيين العرب و للصحافيين و الصحافيات و المساهمة الفعلية في مواجهة هذه الخروقات الخطيرة .
إن الأوضاع الخطيرة التي تعيشها العديد من الأقطار العربية التي سادت فيها الحروب كتعبير واضح لاصطام الإرادات الشعبية و الرسمية و في بعض الحالات بسبب إصطدام الأطماع الخارجية المتكالبة ضد تطلعات الشعوب العربية تؤشر على مزيد من التدهور و التردي ، و إن المؤتمر يقصد بالحديث في هذا السياق الأوضاع الخطيرة السائدة في سوريا و العراق و اليمن و ليبيا . و إن الصحافيين و الصحافيات العرب من خلال إتحادهم إذ يندد بهذه الأوضاع فإنه يدعو الشعوب العربية و ووسائل الإعلام العربية إلى التسلح بالوعي الكامل و اليقظة المطلقة لمواجهة هذه الظروف الصعبة و الخطيرة ، و يلح في مطالبة جميع فرقاء هذه الأزمة من أحل اعتماد الحوار و لا شيء غير الحوار في مناقشة الاوضاع و البحث عن سبل تسويتها بوسائل سياسية من خلال منهجية ديمقراطية نزيهة تستند إلى القبول بالرأي الآخر بما يكرس التعددية و بصناديق الاقتراع كحكم فاصل في جميع الخلافات بما يسهل عملية تدبير التعدد ، و هي بدائل فعالة و شرعية لاعتماد الحوار عوض استعمال العنف و التسلح .
إن شعبنا الأبي في فلسطين المحتلة يتعرض لأبشع مظاهر البطش و الإبادة في تاريخ البشرية جمعاء من طرف كيان قام على جثث الأبرياء و جماجم الأطفال و دمار الحضارة و الإنسانية بتواطؤ مكشوف من قوى استعمارية امبريالية تتاجر بالإنسانية . و من خلال صمت و مباركة من طرف المجتمع الدولي خصوصا منظمة الأمم المتحدة و مجلس الأمن حيث يمارس الأقوياء سياسة انتقائية ترتبط بمصالح اقتصادية خبيثة .و مؤتمر الإتحاد العام للصحافيين العرب يعلن عن اعتزاز الصحافيين و الصحافيات العرب من المحيط إلى الخليج بصمود الشعب الفلسطيني البطل الذي قدم دروسا للبشرية جمعاء في استعراض مظاهر الصمود و مواجهة بطش الاحتلال الصهيوني . و هي نفس المناسبة التي يؤكد من خلالها الاتحاد العام للصحافيين العرب أن العدو الصهيوني يضع الصحافيين الفلسطينيين في مقدمة استهدافه للشعب الفلسطيني ، في حرص شديد منه على القضاء على الشاهد الرئيسي على جرائمه البشعة المقترفة فوق تراب فلسطين الطاهرة .و هذا ما يفسر قتله لعشرات الصحافيين الفلسطينيين و اختطافهم و اعتقالهم التعسفي . و لهذه الاعتبارات فإن الاتحاد العام للصحافيين العرب يدعو المنظمات الحقوقية و الصحافية الإقليمية و الدولية إلى تحمل مسؤوليتها كاملة إزاء هذه الجرائم الخطيرة كما يحمل المنتظم الأممي مسؤولية استمرارها. و يطلب في هذا الشأن من المنظمات المعنية المبادرة برفع قضايا أمام المحكمة الجنائية الدولية بخصوص جرائم الكيان الصهيوني المقترفة ضد الصحافيين الفلسطينيين و الشعب الفلسطيني .
إن المؤتمر العام للاتحاد العام للصحافيين العرب يدعو بنفس المناسبة الإخوة الفلسطينيين إلى ترجيح خيار الوحدة الفلسطينية و تكريسه بما يضمن تقوية الجبهة الفلسطينية الداخلية و يضمن شروط إجماع عربي و إسلامي حول عدالة القضية .
إن المؤتمر العام الثالث عشر للاتحاد العام للصحافيين العرب ينبه إلى الخطورة البالغة التي تكتسيها مؤامرة تفتيت الأمة العربية و بث بذور الفتنة و الاقتتال ، هذه المؤامرات التي تسخر في بعض الأحيان المطالب الشعبية المشروعة الهادفة إلى تحقيق التطور و الديمقراطية و سيادة دولة الحق و القانون مطية لتحقيق المصالح الخبيثة للجهات الواقفة وراءها ، و في هذا السياق يدين المؤتمر جميع أشكال التدخل الأجنبي العسكرية منها و غيرها في ليبيا و سوريا و العراق و اليمن و في السودان و الصومال و في غيرها من الأقطار العربية ، كما يدن جميع أشكال محاولات التجزئة و الانفصال كما الشأن بالنسبة للمملكة المغربية التي تتعرض وحدتها الترابية إلى استهداف حقيقي و يساند في هذا موقف الشعب المغربي ، و يستنكر محاولة تفتيت السودان تحت ذرائع واهية ، و المؤتمر إذ يثمن جهود الحوار في هذا القطر العربي فإنه يقف إلى جانب الشعب السوداني في مواجهة كافة أشكال التدخل الأجنبي . كما يدين أيضا ما تتعرض له جمهورية الصومال من محاولات بغيضة تهدف وحدته الوطنية و سيادته على جميع أراضيه .
إن مؤتمر الاتحاد العام للصحافيين العرب يؤكد أن ظاهرة الإرهاب تمثل تهديدا حقيقيا للأمة الإسلامية جمعاء ، و الاتحاد العام للصحافيين العرب إذ يعبر عن إدانته المطلقة لجميع أشكال الإرهاب و التطرف بما فيه الفكري و السياسي و الإعلامي فإنه يدعو الصحافيين و الصحافيات العرب إلى مواجهته بما امتلكوا من جهد و إمكانيات و ينبه في هذا الصدد إلى خطورة استخدام وسائل الإعلام للتحريض على الإرهاب و الفتنة و الفوضى .
و إن الاتحاد العام للصحافيين العرب ينبه إلى مغبة الخلط بين الإرهاب و الدين الإسلامي الحنيف المبني على قيم التسامح و التعايش و التآخي ، و لذلك فهو يستهجن محاولات الخلط و إقحام الدين في هذه الآفة المزمنة ، و هو بذلك يستنكر جميع المؤمرات السياسية و الإعلامية التي تجتهد في هذا الصدد .
و الإتحاد العام للصحافيين العرب ينبه مرة أخرى إلى خطورة استخدام مكافحة الارهاب مطية للتضييق على الحريات العامة و خصوصا منها حرية الصحافة و الرأي و التعبير .
و المؤتمر العام الثالث عشر للاتحاد العام للصحافيين العرب يقف في هذه المناسبة إجلالا و تقديرا للتضحيات الجسام التي يقدمها زملاؤنا في اليمن ، ذلكم أنهم يتعرضون لأبشع مظاهر الاضطهاد و التعسف ، و هو يحيي بهذه المناسبة الصامدين منهم و الذين يخوضون إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ أكثر من أسبوعين بما أضحى يهدد حياتهم . و يدعو في نفس الصدد إلى رفع جميع أشكال التضييق و الإعتداء عليهم بما في ذلك الإطلاق الفوري لجميع الزملاء الصحافيين اليمنيين المختطفين و المعتقلين . و يناشد المنظمات الحقوقية و الإعلامية الإقليمية و الدولية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق هذه الأهداف.
و المؤتمر الثالث عشر للصحافيين العرب يدعو بهذه المناسبة أيضا إلى الكشف الفوري على مصير جميع الصحافيين العرب المختطفين من طرف جهات إرهابية من قبيل الزملاء اليمنيين والصحافيين التونسيين سفيان الشورابي و نذير الكتاري المختطفين في ليبيا و الصحافي الموريتاني اسحاق ولد مختار و في باقي الأقطار خصوصا في سوريا و في العراق .
و تجسيدا لشعار مؤتمره الثالث عشر فإن الإتحاد يلح في المطالبة في إعمال مبدإ عدم الإفلات من العقاب ضد مقترفي الانتهاكات الجسيمة ضد الصحافيين الفلسطينيين ويعلن في هذا الصدد مساندته المطلقة للمبادرة التي أعلن عنها الاتحاد الدولي للصحافيين لإنشاء آلية إقليمية لتفعيل هذا المبدإ.
و الاتحاد العام للصحافيين العرب يقف إلى جانب نقابة الصحافيين في مصر في مواجهة ما تتعرض من تعسف و يطالب بالأفراج الفوري على الصحافيين المعتقلين هناك .
و الاتحاد العام للصحافيين العرب يثمن بهذه المناسبة النضالات المريرة التي تخوضها التنظيمات المهنية الصحافية في الوطن العربي دفاعا على حرية الصحافة والتعبير و الرأي ، حيث أن هذه الحرية تواجه مخاطر كبيرة و كثيرة ، و يحمل الأنظمة العربية مسؤولية الانتكاسات الكبيرة التي تعرفها هذه الحرية . و يناشدها من أجل توفير جميع الشروط التشريعية و السياسية و الأمنية و الاجتماعية التي تكفل ضمان كرامة و أمن الصحافيين العرب الذين يقدمون تضحيات جسيمة من أجل الدفاع عن مصالح الشعوب العربية و هم يوجدون في طليعة الفئات المناوئة لجميع أشكال الفساد و الاستبداد و الإرهاب .