مداخلة الكانبة العامة لنقابة الصحفيين التونسيين ” سكينة عبد الصمد ” في ندوة : المراة و السلطة ، أي تساو للفرص ؟ … نحو اعادة توزيع السطلة داخل المؤسسات العامة والخاصة
في مقر الإتحاد التونسي للتجارة و الصناعة يوم 4 أكتوبر 2016
مداخلة المشهد الإعلامي والنوع الاجتماعي
في قراءة لعلاقة الاعلام بالنوع الاجتماعي نتبين أن صورة المرأة في الإعلام بقيت سلبية ودون المستوى المطلوب رغم ما تتسم به الساحة الإعلامية من انفتاح في مجالات حرية الصحافة والتعبير التي رافقت الثورة.
فلا يزال الإعلام يهمل جوانب كبيرة من قضايا حقوق المرأة إما بمجانبة أسّ المسائل والمرّ …أو بسطحية طرحها كمجرّد شعارات ترفع ومكاسب تذكر والتي على أهميتها لا تزال تفتقر لتعديلات وإضافات جوهرية في التشريعات والقانونين التي تضمن الحقوق الكاملة للمرأة كما أنها تساعد على تغيير العقليات الذكورية السائدة وثقافة التعامل إزاء الجنسين.
وهنا تأتي أهمية دور الإعلام في التوعية والتنوير بدءا بضمان حضور متوازن للمرأة والرجل في وسائل الإعلام كخطوة جدّ ضرورية نحو إرساء ثقافة المساواة وتكافؤ الفرص بين الجنسين.
خاصة ونحن نعيش تغيرات اجتماعية وسياسية نريدها تأسيسية للتقدم نحو مجتمع ديمقراطي عادل. مما يستوجب التفكير في خطّ سياسة وطنية لمساواة النوع الاجتماعي في قطاع الإعلام في تونس.
ونعلم جميعا أن:
المساواة هي عماد المواطنة وتكفل لكل إنسان التمتع بالحقوق والحريات المضمنة بالدستور كما تكفل الحق في الحمایة من كل تمییز أو إقصاء أو تھمیش أو استبعاد سواء كان مأتاه الجنس أو اللون أو العرق أو الدّین أو اللغة أو الانتماء الفكري أو السياسي أو الطبقي أو الاجتماعي…
واعتبارا لأهمية دور الإعلام في إرساء أسس الديمقراطية التي تعد المساواة من أوكد ركائزها فإن البحث في ضمان المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات وحماية المرأة من كل أشكال التمييز والإقصاء تنطلق من رصد واقع المشهد الإعلامي.
وفي قراءة لأهم السياسات التحريرية والمواثيق الأخلاقية المعتمدة في الفضاءات الإعلامية في تونس وخاصة في المجال السمعي البصري باعتبارها الأكثر انتشىارا، نلتمس عديد النواقص رغم الإضافات الهامة في القوانين المنظمة للقطاع. وأبرزها ما تضمنه المرسوم 116:
– الهيئة العليا المستقلّة للاتّصال السّمعي البصري “هايكا”
وهي تعدّ من أهم المكاسب التي عززت قطاع الإعلام في تونس وهي فاعل جديد في تعديل وتنظيم القطاع السّمعي البصري وكان الإعلان الرّسمي عن بعثها يوم 3 ماي 2013 تزامنا مع اليوم العالمي لحريّة الصحافة.
وقد حدّدت الهايكا كرّاسات شروط خاصة بالقنوات الإذاعية والتلفزية العمومية والخاصة والحرّة والجمعيّاتية. وفي متابعة لبنود هذه الشروط نجد تذكيرا بالتقيد بمعايير المساواة وحماية حقوق المرأة ضمن: – ما تنص التزامات الحاصل على الإجازة في لكراس الشروط الخاصة بإحداث قناة تلفزيه وهي نفس الشروط الخاصة بإحداث قناة إذاعية.
– في الفصل 14 (التزامات عامة) تقول إنه :
» يلتزم المتحصّل على الإجازة ب:
……. المساواة وعدم التمييز
. حماية حقوق المرأة والقطع مع الصورة النمطية لها في الإعلام.
– وفي الفصل 23 (وضمن الالتزامات الخاصة بالمضامين الإعلامية) يقول النص إن طالب الحصول على إجازة:
» يلتزم…..بضمان حضور المرأة في البرامج التلفزية ومشاركتها الفعالة في الفضاءات الحوارية وأن يقع التعامل معها على أساس كفاءتها واختصاصها في موضوع الحوار بعيدا عن التناول النمطي «
– كما ينص الفصل 59 (الالتزامات الخاصة بالإشهار) أنه:
»يجب أن تتوفر في كلّ عمليّة إشهارية القواعد الأخلاقية التي تحقق الكرامة الإنسانية…….وتضمن عدم الوقوع في أي شكل من أشكال الإقصاء بما في ذلك الإقصاء على أساس الانتماء الجغرافي أو الديني أو الجنسي أو العمر أو الإعاقة«
– وفي الفصل 1 من ملحق الالتزامات العامة يقول النص:
» تساهم البرامج في إعداد الطفل لاستيعاب قيم المجتمع الحرّ القائم على التوافق والسلم والتسامح والمساواة بين الجنسين والصداقة والتعامل مع التنوّع الفكري والعقائدي «
ملاحظة:وما يمكن ملاحظته في قراءة لمضامين كراسات الشروط هو أن الدفع نحو اعتماد سياسة تضمن حقوق المرأة وتأكيد المساواة الفعلية في المجال الإعلامي يبقى محتشما وحتى الفصل 25 الذي يدعو الى الالتزام بحضور المرأة في البر وعلى أهمية إدراجه ضمن الشروط، فقد جاء فضفاضا وعاما ويستوجب تحديد نسب للحضور النسائي تساوي حضور الرجال.
كما كان من الأجدى التنصيص على التزام يضمن حقّ المرأة الإعلامية في مراكز القرار التي يسيطر عليها الرّجال في مجال أكثر العاملين فيه نساء.
– أما في ما يخص المؤسسات الإعلامية
– مؤسسة التلفزة التونسية
تمثل الصحفيات العاملات في هذه المؤسسة الإعلامية العمومية بقناتيها الوطنية الأولى والوطنية الثانية وسواء في قسم الأخبار أو في الإنتاج نسبة تفوق بكثير نسبة الصحفيين الرّجال ومع ذلك فإن جلّ مراكز القرار يرأسها رجال:
كما أن السياسة التحريرية لمؤسسة التـــلفزة التونـــسية لا تتضمن أيّ بند للتعهد أو حتى لمجرّد الإشارة الى حماية حقوق المرأة ودعم مكانتها في المؤسسة.
– مؤسّسة الإذاعة التونسية
المشهد الإعلامي داخل أروقة مؤسسة الإذاعة العمومية التي تضم 9 إذاعات موزعة بين تونس العاصمة والجهات، لا يختلف كثيرا عن ما هو عليه في مؤسسة التلفزة:
-وفي القنوات التلفزية الخاصة
تتميز إذاعة موزاييك أف أم ال عن مثيلاتها من الإذاعات الخاصة البارزة على الساحة الوطنية مثل “شمس أف أم”- “كاب أف أم – “إكبريس أف أم” – “الجوهرة أف أم” وغيرها ، أو حتى الإذاعات العمومية الوطنية والجهوية، ما يميزها هو نشر ميثاق تحريري ضمن فقرات موقعها على الواب يتضمن في فصله الثاني عشر تعهّدا باحترام حقوق المرأة وعدم التمييز الجنسي:
» تعمل موزاييك أف أم على عدم التشهير أو ترويج أيّ صورة نمطية للأفراد إناثا أو ذكورا وكلّ ما من شأنه أن يحط من قيمة وتقدير أي مواطن أو جماعة أو مؤسسة أو يعرض أحدهم للنبذ والإقصاء….. وتتبنى موزاييك أف أم مبدأ المساواة بين الجنسين في تقديم البرامج والعمل الصحفي ومراكز القرار على أساس الكفاءة المهنية دون اعتبارات فكرية وعقائدية أو جهوية أو فئوية وتعمل على توفير الحظوظ نفسها للمرأة كما للرجل في المداخلات والحضور.«
– استنتاجـات عامّـة
تبرز هذه القراءة غيابا شبه تام لمقاربة النوع الاجتماعي في سياسات التحرير لجلّ وسائل الإعلام .
وتسجّل سيطرة واضحة للرّجال على مراكز القرار في المؤسسات الإعلامية وتهميش للكفاءات النسائية.
كما أنه في مستوى البرامج الحوارية نجد أسماء الرّجال هي البارزة على الساحة الإعلامية اعتبارا لسيطرتهم على البرامج السياسية و الاجتماعية الهامة أو الرياضية والتي تبث في الأوقات الأكثر متابعة فيما تختص الإعلاميات في إدارة البرامج الصحية أو الأسرية أو الموسيقية أو الترفيهية.
لذا يتوجب:
– تضمين مبدأ الحضور المتساوي للنساء والرجال في البرامج الحوارية السياسية والبرامج ذات نسبة المشاهدة المرتفعة في المواثيق التحريرية لوسائل الإعلام ومراقبة تطبيقها من قبل الهايكا.
– تولّي الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري مراقبة تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص في تقلّد المناصب الوظيفية للنساء والرجال ووفق الأقدمية في العمل والكفاءة.
– تنظيم دورات تدريبية للإعلاميين والإعلاميات في ثقافة حقوق الإنسان مع التركيز على حقوق المرأة.
– إضافة فصل في ميثاق الشرف الصحفي ينصّ على احترام مبدأ التناصف في المشاركة في المنابر الإعلامية.
// وهنا أريد الإشارة الى أننا أي النقابة الوطنية للصحفيين والتونسيين وبالتعاون مع الاتحاد الدولي للصحفيين وماد ميديا بصدد إنجاز موقع خاص بالخبيرات التونسيات في محاولة للتعريف بهذه الكفاءات وتيسير العمل للصحفيين والصحفيات للاستعانة بقدرات نسائية ودعوتهن للمنابر الحوارية والبرامج الإعلامية//