
الجمعة 18 جويلية 2025
نعي
تلقت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين فجر اليوم الجمعة 18 جويلية 2025 بكل حزن وأسى، نبأ وفاة الزميل الصحفي يوسف الوسلاتي
.
يعدّ الزميل الراحل يوسف الوسلاتي من القيادات البارزة في النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، حيث شغل منصب عضو المكتب التنفيذي وقاد عدة مؤتمرات مهنية معتبرة.
شغل خطة رئيس تحرير جريدة “الشعب” ومجلة “آخر خبر”وعمل في عدة مواقع تونسية وعالمية وتميز بنهجه النقدي الواضح لعدة أطراف سياسية وإعلامية في تونس معادية لحرية الصحافة والتعبير وظل دائما مدافعًا بشراسة عن استقلالية الصحفيين وحقوقهم القانونية والمهنية.
كما عرف زميلنا الوسلاتي بدماثة اخلاقه وانحيازه الدائم لحرية الصحافة والتعبير وكان في الصفوف الأولى في الدفاع عن زميلاته وزملائه.
وتتقدم النقابة إلى أسرته وزميلاته وزملائه بعبارات المواساة، راجية من الله أن يرزقهم جميل الصبر والسلوان.
“إنا لله وإنا إليه راجعون” رحم الله الزميل الصحفي يوسف الوسلاتي.
تأبين الصحفي يوسف الوسلاتي
أو في خسارة صحفي حر وشجاع
” يوسف…
أيها الصوت الذي كان يشقّ الصمت…
أيها القلم الذي لم يتردد يوماً، ولم يساوم، ولم يضعف…
ترجلت، أخيراً، عن صهوة الخبر، ووضعت قلمك جانباً، لكنك لم ترحل من الذاكرة، ولن تُمحى من الضمير، فيا حزن عائلتك وأصدقائك ورفقاك وزملائك…
رحيلك موجع يا يوسف
في زمن تتكاثر فيه الأقنعة وتخفت الأصوات، كنت الصوت النقي في الزحام، الصدق في زمن التلوّن، والوقوف في زمن الركوع.
رحلت عنا جسداً، وبقيت بيننا نهجاً، وموقفاً، ومثالاً.
منذ أولى خطواتك في عالم الصحافة، اخترت الطريق الأصعب:
لا خضعت للمساومات، ولا كتبت إلا بما يمليه عليك ضميرك المهني والإنساني.
كنت تؤمن أن الصحافة لا معنى لها إن لم تكن مرآة للناس، لآلامهم، لآمالهم، وأداة لكشف الظلم، لا لتجميله.
لقد كنت من بين الأصوات التي لم تتورط في التحوير ولا التزييف.
نقلت وجع المواطن بلا وساطة، وساءلت السلطة بلا خوف، ووقفت مع زملائك بلا حسابات، صحفيا مستقلا عنيدا لا يحتمي إلا بالحق، ولا يهادن إلا للحقيقة.
في النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين كنت قائدا ومسؤولا ومنظّما، كنت من بين المؤمنين أن الدفاع عن المهنة ليس امتيازاً، بل واجبا.
خضت المعارك من أجل تحسين أوضاع الصحفيين، دافعت عن حرية التعبير حين كانت تُحاصر، وساندت زملاءك في وجه الطرد والتهميش، وأعلنت مواقفك بلا مواربة، حتى حين كان الثمن عزلة أو استهدافاً.
لم تكن النقابة بالنسبة إليك سقفاً يختبئ تحته الخائفون، بل كانت منبراً لمن لا منبر لهم، وسلاحاً لمن نُزعت عنهم أدوات التعبير.
كنت صوت الصحفي الهش والمهمّش، تماماً كما كنت صوت تونس العميقة.
كنت تقول رأيك حين يتلعثم الآخرون، وتعبّر حين يخشى غيرك أن يُلام.
كنت ترى أن الوطن لا يُبنى بشعارات مجوّفة، بل بمواقف صلبة… وأن الحرية لا تُهدى، بل تُنتزع.
كنت في خط الثورة التونسية والثوار، ورفضت عودة الاستبداد مهما لبس من أثواب. وكنت تعرف أن الإعلام الحرّ هو عصب أي ديمقراطية حقيقية، فكنت دائماً في مقدمة المدافعين عنه، في العلن لا في السرّ، في الميدان لا خلف الشاشات.
وراء الصحفي، كان هناك إنسان نقيّ، نادر، صادق.
رجل لا يعرف الحقد، ولا يجيد الكراهية، ولا يردّ على الظلم بالظلم.
ابتسامته خجولة، لكن مواقفه لم تكن يوماً كذلك.
كان صديق الجميع، وأخاً لكثيرين، وركناً أساسياً في ذاكرة جيل من الصحفيين الشبان، الذين نهلوا من نقائه وشجاعته.
يوسف، لا نقول وداعاً، بل نقول:
نم قرير العين يا رفيق الكلمة الحرة، فقد كنت وفياً لها حتى آخر نبضة.
نم قرير العين، يا من تركتنا وإرثك فينا:
في الموقف، في الصدق، في الصمود، في المحبة النبيلة.
سنواصل المسيرة، وإن كان الطريق أكثر وحدة الآن، لأن صوتاً مثلك لا يُعوّض.
سنواصل الدفاع عن الكلمة، تماماً كما علمتنا:
أن نكتب… لا لنُعجب، بل لنُشهد.
أن نرفع الصوت… لا لنُسمع، بل لنُغيّر.
أن نكون… لا مجرد شهود، بل فاعلين في زمن التيه.
في الختام، يا عائلته وزملائه ورفاقه وأصدقائه
يوسف الوسلاتي لم يمت،
فالموت لا يطال من عاش حرّاً، ومات واقفاً.
وداعاً أيها الزميل، الصديق، الرفيق.
ستظلّ حيّاً في ذاكرة الصحافة، وفي قلب الوطن”.
النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين