
الجمعة 5 سبتمبر 2025
كلمة إعلان عضو المكتب التنفيذي ياسين القايدي عن مشاركته في أسطول الصمود المغاربي لكسر الحصار عن غزة ممثلا عن نقابة الصحفيين التونسيين
“أيها الزملاء الأعزاء، أيها الأصدقاء، أيها الأحرار جميعاً…
اليوم أقف بينكم، وأحمل في قلبي مشاعر يصعب أن تُختصر في كلمات. أستودعكم وأنتم تستودعونني، ونحن جميعاً نحمل همّاً واحداً وهدفاً واحداً: أن ينكسر هذا الحصار الظالم عن غزة، وأن يصل صوتها إلى العالم مهما حاولوا إسكاتها.
مشاركتي في أسطول الصمود ليست قراراً فردياً ولا مغامرة شخصية، إنها امتداد طبيعي لرسالة الصحافة، لرسالة نقابتنا، لرسالة الكلمة الحرة التي لا تعرف الخوف. نحن الصحفيون لم نُخلق لنكون شهود زور على مآسي شعوبنا، بل شهود حق، نحمل الحقيقة أينما كان ثمنها. اليوم أذهب مع زملاء من أنحاء العالم، ليس لأننا أقوى من غيرنا، بل لأننا نؤمن أن الصمت جريمة، وأن الحياد أمام الظلم خيانة.
غزة ليست مجرد جغرافيا محاصرة. غزة هي القلب النابض للأمة، هي الضمير الحي الذي يذكّرنا كل يوم أن الحرية لا تُهدى بل تُنتزع، وأن الإنسان مهما حُوصر فإنه يظل أكبر من الجدران والأسلاك. حين نمضي إلى غزة نحن نمضي إلى أنفسنا، إلى إنسانيتنا، إلى معنى وجودنا.
أدرك أن هذه الرحلة محفوفة بالمخاطر، وأدرك أن الاحتلال لا يعرف إلا لغة العنف، لكننا نذهب بلا سلاح سوى إيماننا وقلمنا وكاميراتنا. نذهب لنقول للعالم: لسنا ضعفاء، ولسنا صامتين، ولسنا شركاء في جريمة الحصار.
زملائي الأعزاء، أوصيكم أن تبقوا على العهد، أن تواصلوا رفع الصوت، أن تكتبوا وتنقلوا وتنادوا، لأن ما نفعله في البحر يحتاج إلى من يكمله على البر، وما نلتقطه من صور يحتاج إلى من يوصله إلى الضمير العالمي.
اليوم أودعكم، لكني أحملكم معي. أحمل أصواتكم، أحمل دعاءكم، وأحمل عهد النقابة أن تبقى دائماً في الصفوف الأولى دفاعاً عن قضايا الحرية والعدالة. وإن عدت، فسأعود بروح أقوى، وإن لم أعد، فكونوا على يقين أنني اخترت الطريق الذي يشبه الكلمة التي آمنا بها، الكلمة التي لا تُشترى ولا تُباع.
فلنمضِ جميعاً – هنا وهناك – على العهد. ولنعاهد أنفسنا أن لا نترك غزة وحيدة، وأن نكسر الحصار بالكلمة كما يُكسر بالفعل، وأن نرفع راية الحرية فوق كل الأسوار.