باسم الله الرّحمان الرّحيم

 

السيّد فيليب لوروت، رئيس الفيدرالية الدوليّة للصحفيّين

السيّد ديميتير شاليف، ممثل المفوضية السامية للأمم المتّحدة لحقوق الإنسان بتونس

السيّد ناجي البغوري، نقيب الصحفيّين التونسيّين

السيّد الكاتب العام للاتحاد العام التونسي للشغل

أيّها الصحفيّون الكرام من أبناء السلطة الرّابعة وصاحبة الجلالة كما تنادونها دائما.

ضيوف تونس الأعزّاء،

يسرّني بداية أن أعبّر عن سعادتي في أن أكون بينكم في افتتاح هذه الندوة الدوليّة المتزامنة مع الشهر الذي نحيي فيه اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضدّ الصحفيّين في الثاني من نوفمبر من كل سنة وفق ما أقرّته الجمعيّة العامة للأمم المتحدة في جلستها الثامنة والستين لسنة 2013.

كما أغتنم هذه المناسبة لأهنأ، عبر هذه الكلمة الموجزة، الصحفيّين والنقابة الوطنيّة للصحفيّين التونسيّين باحتضان بلادنا أشغال اللجنة التنفيذيّة والإداريّة للاتحاد الدولي للصحفيّين أيّام 17 و18 و19 نوفمبر الجاري وهو ما يعزّز مكانة تونس في خارطة الدّول الضامنة للحقوق والحريّات الصحفيّة على درب الديمقراطية التي لا يمكن أن تكون إلا بإعلام حرّ ونزيه مخلص لضميره المهني وأخلاقيّات عمله.

 

أيّها السّادة والسيّدات الكرام،

يشرّفني اليوم أن ألقي هذه الكلمة في مفتتح هذه الندوة، وبلادنا بصدد استكمال مسار انتقالها الديمقراطي الذي انطلق مع ثورة الحرية والكرامة والذي مثلت المصادقة على دستور 27 جانفي 2014 محطة مهمّة فيه. ويحقّ لنا كتونسيّين أن نفتخر بالمصادقة على هذا الدستور الديمقراطي الضامن للحقوق والحريّات وعلى رأسها حريّة التعبير وحريّة الصحافة والنشر حيث ينصّ الفصل 31 منه على أن حريّة الرأي والفكر والتعبير والاعلام والنشر مضمونة، ولا يجوز ممارسة مراقبة مسبقة على هذه الحريّات.

كما ينصّ الفصل 32 من الدستور على أن الدولة تضمن الحق في الاعلام والحق في النفاذ إلى المعلومة كما تسعى إلى ضمان الحق في النفاذ إلى شبكات الاتصال.

ان حريّة التعبير هي حجر الأساس الذي يبنى عليه كل بناء ديمقراطي، وأنّه لمن دواعي فخرنا ان تحتل بلادنا المراتب الأولى في المنطقة على مستوى حريّة الصّحافة. ونحن ساعون بالعمل المشترك مع مختلف الهيئات ومع أبناء القطاع إلى تحسين هذا الترتيب في المستقبل حتى تصبح بلادنا نموذجا يحتذى به في هذا المجال.

ولا يختلف اثنان اليوم في تونس في أن حريّة التعبير وحريّة الصحافة. هي أوّل وأهم مكسب حصل عليه التونسيّين بعد الثورة. وان الحفاظ على هذا المكسب يبقى مسؤوليتنا. مسؤولية الحكومة من خلال صلاحياتها التنفيذيّة ومن خلال مبادراتها التشريعيّة. مسؤوليّة مجلس نواب الشعب كسلطة تشريعيّة تصادق على القوانين وتراقب القطاع ولكن أيضا مسؤوليّة الصحفيّات والصحفيّين من خلال يقظتهم أوّلا ومن خلال تفعيل آليات التعديل الذاتي لتفادي أي انحراف يمكن أن يسيء للإعلام بشكل خاصّ وللعمليّة الديمقراطيّة برمّتها بشكل عام.

وفي هذا الإطار نحن نعمل على أن تكون التشريعات التي سيتمّ تقديمها قريبا إلى مجلس نواب الشعب تشريعات تقدميّة، تنزّل مبادئ الدستور وتكون خطوة أخرى إلى الأمام من أجل تحسين ظروف عمل الصحفيّين وتوفير الحماية لهم حتى يقوموا بدورهم المواطني على أحسن وجه ممكن.

 

السيّدات والسّادة،

إن تونس ممثّلة في حكومة الوحدة الوطنيّة المنبثقة عن مبادرة سيادة رئيس الجمهوريّة الباجي قايد السبسي. تجدّد اليوم وفي هذه المناسبة التزامها بحماية الصحفيّين وسلامتم ومكافحة كل أشكال الإفلات من العقاب تعاونا مع شركائها المحليّين من هياكل مهنيّة ونقابات وشركائها الدوليّين كما نصّت على ذلك المواثيق الدولية التي تدين جميع ا لهجمات وأعمال العنف المرتكبة في حقّ الصحفيّين والعاملين في وسائل الإعلام وتدعو إلى مسائلة مرتكبي الجرائم ضدّهم وضرورة تقديمهم إلى العدالة.

وانّ هذا الالتزام ليس خيارا بقدر ما هو مسار كامل تنتهجه حكومة الوحدة الوطنيّة عن قناعة في معركة شاملة ضدّ كل مظاهر الإفلات من العقاب والتي نعتبر فيها الصحفيّين شركاء في مجهود وطني يكرّس العدالة ويضيّق من فرص الفاسدين في إخفاء جرائمهم وممارساتهم.

وإنّنا في تونس خلال هذه المرحلة نخطو خطوات هامّة لتعزيز مكاسب حريّة الرأي والتعبير سواء من خلال القوانين الداعمة لهذا التوجّه، كحق النفاذ إلى المعلومة الذي يحمي حق الصحفي والمواطن في الوصول إلى المعلومة ويكرّس شفافية العمل الحكومي من جهة ثانية، أو من خلال السياسة التشاركية التي تنتهجها الحكومة في إصلاح قطاع الإعلام والاهتمام بواقع الصحفيّين ووضعياتهم المهنيّة ونحن منفتحون على أيّ عمل تشاركي مع نقابة الصحفيّين أو باقي مكوّنات المجتمع المدني من أجل اتّخاذ الإجراءات الضروريّة لتحسين وضعيّة القطاع.

 

أيّها الحضور الكريم من أبناء تونس وضيوفها الأعزّاء،

إن حكومة الوحدة الوطنيّة تعمل من أجل واقع إعلامي وطني حرّ ونزيه ومسؤول يمثّل رافعة لقيم الديمقراطيّة والحريّة التي هي عماد التنمية والبناء الحضاري المتقدّم وإنّنا نرى في قرار تسوية وضعيّات التشغيل الهشّ في الإعلام العمومي الذي اتّخذته الحكومة بتاريخ 6 نوفمبر 2017 تعزيزا لحريّتهم وصونا لكرامتهم وتدعيما لمسؤوليّتهم في كشف الحقائق والقيام بدور السلطة الرّابعة الملتزمة بأخلاقيّات العمل الصّحفي ومهنيّته.

ويبقى في النهاية كل اعتداء على الصحفيّين تعدّ على الإنسانيّة في طلبها للحقيقة وسعيها إلى المعلومة الصّحيحة، لذلك نبارك هذا الملتقى الدولي ونرجو له النجاح والتوفيق من أجل آليات وطنيّة ودوليّة للحماية والمساءلة والحدّ من الإفلات من العقاب في واقع دولي ارتفع فيه منسوب العنف ونحتاج فيه أكثر من ذي قبل إلى صحافة تكشف الحقائق.

ونحن واعون أن الصّحافة ونساء ورجال الإعلام هم أوّل دعم نستند إليه في حربنا ضدّ الفساد ومن أجل إرساء الشفافيّة والحوكمة الرّشيدة. وبقدر  دعمنا لها فإنّنا نوفّر أكثر ما يمكن من الضمانات لإسناد السياسات الحكوميّة في هذا المجال ونوفّر أحسن الظروف لإنجاح الانتقال الديمقراطي.

ان مكسب حريّة التعبير وحريّة الصّحافة جاء تتويجا لنضالات أجيال من التونسيّين، ناضلوا من أجل الكلمة الحرّة، وحريّة الرّأي والفكر، ومن واجبنا جميعا، وفاء لهذه الأجيال أن نحافظ على هذا المكسب وأن نعمل على حمايته وتطويره، لأن حريّتكم، وحريّة أقلامكم ومصادحكم وآلات تصويركم، هي الضامن لحريّة الجميع، لحريّة السياسي، لحريّة النقابي، لحريّة الناشط في المجتمع المدني، لحريّة المواطن، فواصلوا دفاعكم على هذه الحريّة، واصلوا عملكم من أجل تعديل ذاتي يحمي هذه الحريّة من الانحراف، وسوف تجدوننا دائما إلى جانبكم من أجل مواصلة البناء الديمقراطي.

في الختام، أرجو لكم التوفيق في أعمال ملتقاكم هذا. متمنيّا لضيوفنا الكرام إقامة طيّبة في تونس الديمقراطية.

والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

Write a comment:

*

Your email address will not be published.