شاركت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين مساء اليوم الأحد 10 ديسمبر الجاري في اختتام ايام مهرجان قرطاج المسرحية في نسخته الرابعة والعشرون.
وقد سلم نقيب الصحفيين التونسيين زياد الدبار جائزة نجيبة الحمروني لحرية التعبير للعرض المسرحي “الظاهرة” للمخرج أوس ابراهيم.
وقد تمت تلاوة تقرير لجنة التحكيم الاتي نصه:

 

“مساء المحبة للجميع
مساء المسرح بوصفه النشيد الأخير للإنسانية.
مساء المسرح من جهة تخصيبه لثقافة الانتصار لا الهزيمة.
مساء المسرحيين الذين فضلوا المقاومة في الفنّ بدلا عن الاحتجاج من خلاله.
ليس من شأن المواجهة غير ثقافة الهدم والتخريب وتنشيط الزيف وتأبيد الظلام الذي خيّم على وجودنا. أما المقاومة فرهان جمالي يصنع الحدث ولا يتبعه.
فمساء المقاومة الجميع.
لهذا، وليس لسبب آخر تأتي جائزة النقابة الوطنية للصحفيين لأفضل عمل مسرحي تونسي باسم المناضلة نجيبة الحمروني التي غادرتنا منذ سبع سنوات. تأتي في سياق تراجيدي مرعب أين تمّت فيه عمليات اغتيال الصحفيين تباعا على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
باسمها اليوم، وباسم حرية التعبير، وباسم الحريات، وباسم الدورة 24 لأيام قرطاج المسرحية، وباسم المسرح إذا صاحب الأسئلة التالية: كيف نكتب على الركح بيانا جماليا ومسرحيا في مستوى حدث اليوم دون السقوط في متاهة الشعارات؟ دون السقوط في مهنة النائحات أمام المعارك الضارية؟ وبمعنى أدقّ: ما هو الرهان الجمالي الذي من شأنه رفع تراجيديا حياتنا اليومية وتحريرها من ثقافة العدم؟
شاهدت اللجنة المتكونة من: السيد عماد المي رئيسا والسيدة سماح قصد الله عضوا والسيدة ليلى بورقعة عضوا كلّ الأعمال المترشحة لهذه المسابقة واضعة في اعتبارها التوجّه الفكري الذي تأسست على إثره جائزة المناضلة نجيبة الحمروني علاوة على التوجّه الجمالي الذي ينشده المسرح من جهة السؤال عن تثوير أنساقه وأشكاله التعبيرية السائدة التي تحوّلت بدورها إلى جهاز قمعي يرفض ما هو جديد أو يوحي بانفجار أدائي مغاير على الأركاح.
فإنّ لجنة التحكيم ارتأت بعد المداولات والنقاش:
– التنويه بالعملين المسرحيين عشاء الكلاب للمخرج يوسف مارس.
– ورهاب للمخرج مؤيد غزواني.
أما بخصوص العرض الفائز،
فلأنّه قرَن مسألة حرية التعبير بسؤال الخوف من مصير الإنسانية من جهة تهديد وجودها برمته، الخوف الذي إذا أصابنا كمّم أفواهنا من شدّة الرعب وحوّلنا إلى وحوش دامية تتقاتل، الخوف الذي تسطّر وجوده قوى خارجية مرعبة فتحوّل حياتنا إلى جحيم، الخوف الذي يروّعنا فنصمت ثمّ نتقاتل، وثمّ نترك بيوتنا إلى هذا الوحش.
ولأنّه لم يلتجأ في خطابه إلى المباشراتية، ولأنّه لمّح إلى المؤسسة القمعية على نحو رمزي من خلال وضعها في مقام غرائبي باسم الوحوش التي هدفت إلى شطب الإنسانية من الكوكب بغاية افتكاكه، ولأنه منح في كتابته حريّة تعالق النصوص بعضها ببعض كضرب من ضروب التناص الذي يحيلنا إلى مسألة مهمّة ألا وهي تدمير سلطة المؤلف.
قرّرت لجنة التحكيم منحه هذا الفوز المستحقّ.
فمبروك، لمسرحية الظاهرة للمخرج أوس ابراهيم.
وتحية حب واحترام لكل المسرحيين وعاش الفعل المسرحي فعلا نبيلا وحرّا”.

*الصور للمصور الصحفي زياد الجزيري